منذ نحو عامين بدأ الشباب الموريتاني موجة هجرة واسعة نحو الولايات المتحدة متسللين عبر حدود تسع دول بينها البرازيل وكولومبيا وبنما وغواتيمالا، والقفز فوق الجدار العازل على الحدود الأمريكية المكسيكية بطريقة غير قانونية.
ورغم أنه لا تتوفر إحصاءات رسمية بشأن أعداد الشباب الذين غادروا موريتانيا إلى الولايات المتحدة بطرق غير قانونية خلال العامين الأخيرين، إلا أن مراقبين يقدرون عددهم بعشرات الآلاف.
وتفاقمت هذه الظاهرة بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، حيث وصل نحو 10 آلاف شاب موريتاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة غير قانونية خلال الأشهر الستة الأخيرة، وفق أرقام غير رسمية.
جدل في البرلمان
ظاهرة هجرة الشباب الموريتاني إلى الولايات المتحدة بطرق غير قانونية أثارت جدلا واسعا في جلسة للبرلمان المنتخب خصصت لنقاش السياسة العامة للحكومة الجديدة.
وخلال الجلسة السبت الماضي، علقت الحكومة لأول مرة على الظاهرة التي باتت موضوع جدل دائم على شبكات التواصل الاجتماعي في هذا البلد العربي الواقع في غرب أفريقيا والبالغ عدد سكانه 4 ملايين نسمة.
وقال النائب البرلماني المعارض، يحيى ولد اللود، في مداخلة خلال الجلسة إن الشباب لا يهاجرون “بحثًا عن الحلم الأمريكي بقدر ما هو هروب من الجحيم الموريتاني، وبعد أن فقدوا الأمل في سياسات الحكومة”.
وحذر النائب الخليل النحوي من خطر تنامي نزوح الشباب، مضيفا أن الإحصائيات المتعلقة بالهجرة كبيرة “إذ بلغ عدد الشباب المهاجرين 40 ألف شخص، منهم 10 آلاف نزحوا في ظرف ستة أشهر” بحسب قوله.
وشدد النائب البرلماني في الجلسة المخصصة للتصويت على السياسة العامة للحكومة على ضرورة بذل أقصى الجهود لاستبقاء الشباب بأي وسيلة في الوطن.
بدوره النائب داود ولد أحمد عيشة لفت إلى أن موريتانيا تشهد “هجرات سلبية” مشيرا إلى ما قال إنها “هجرة العقول وأصحاب الفكر” في وقت تستقبل فيه موريتانيا “مهاجرين غير قادرين على تقديم شيء ملموس” بحسب تعبيره.
لكن النائبة عن حزب “الإنصاف” الحاكم سعداني بنت خيطور، قالت إن ظاهرة الهجرة “لا علاقة للحكومة بها، وهي حق للشباب، الذي يبحث عن عيش أفضل، لأن نمط الحياة والخدمات في أمريكا أفضل”.
خطة حكومية
وفي أول تعليق لها على ظاهرة هجرة الشباب إلى الولايات المتحدة أعلنت الحكومة على لسان رئيسها محمد ولد بلال، أنها ستبذل جهودا لمساعدة الشباب في الاندماج بشكل أفضل في الحياة المهنية للحد من هجرتهم إلى الخارج بشكل ملموس.
وقال رئيس الحكومة في رده على النواب خلال نفس الجلسة البرلمانية التي بثها التلفزيون الرسمي، إن خطة الحكومة تتضمن اعتماد مقاربة متكاملة تتضمن تعزيز الاقتصاد المحلي وزيادة الوعي بالفرص التي يقدمها والمقدرات الاقتصادية للبلاد، وخلق مواطن العمل، وتحسين النفاذ إلى تعليم جيد، بما في ذلك التكوين المهني المناسب والتعريف بمخاطر الهجرة غير النظامية.
وتحدث رئيس الحكومة عن استراتيجية حكومية للشباب “ترتكز على تمكين الشباب وزيادة فرص التشغيل والمشاركة في خدمة المواطنة”.
ويعيش نحو 31 بالمئة من سكان موريتانيا تحت خط الفقر، فيما يصنف البنك الدولي هذا البلد ضمن “الدول الأقل تطورا”، حيث يحتل المرتبة الـ160 من أصل 189 دولة، بحسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر النمو البشري.
لكن موريتانيا تتطلع لأن تكون ضمن الدول المصدرة للغاز مطلع العام القادم، حيث يبدأ تصدير أول شحنة من حقل غاز “السلحفاة” المشترك مع السنغال والذي تقدر احتياطياته بنحو بـ25 تريليون قدم مكعبة.
وتقول الحكومة إنها أكملت مخططات استغلال حقول خاصة بالبلد قدّر بأكثر من 100 تريليون قدم مكعبة، فيما يأمل الموريتانيون في أن تسهم عائدات ثروة البلاد من الغاز في تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير فرص للشباب العاطلين عن العمل.