تعد جماعة الحوثي (انصار الله) حركة سياسية شيعية، ظهرت في محافظة صعدة شمال اليمن، وعرفت باسم الحوثيين نسبة إلى زعيمها الروحي بدر الدين الحوثي، كما تعرف بحركة أنصار الله أو الشباب المؤمن.
التأسيس
رغم أن جذورها تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين تم إنشاء “اتحاد الشباب” في عام 1986 لتدريس شباب الطائفة الزيدية على يد صلاح أحمد فليته، بمبرر خنق الحريات، وتهديد العقيدة الدينية، وتهميش مثقفي الطائفة الزيدية، إلا أن جماعة الحوثي ظهرت فعليًا عام 2004 إثر اندلاع أولى مواجهاتها مع الحكومة اليمنية، ليتلوا ذلك تزايدًا في أعداد اعضائها واستمرارها في التوسع تنظيميًا بدءً بمسمى الشباب المؤمن، قبل أن تطلق على نفسها اسم انصار الله.
ومنذ تأسيسها تلقت الجماعة دعمًا لوجستيًا وماليًا من حكومة إيران، وهو الدعم الذي أسهم في بقاء الجماعة وصمودها في وجه الحملات العسكرية التي كانت تسيرها الحكومة اليمنية ضدها.
التوجه الأيديولوجي
تصنف بعض المصادر جماعة الحوثي بأنها شيعية اثناعشرية، لكن الحوثيين ينفون ذلك، ويؤكدون أنهم لم ينقلبوا على المذهب الزيدي رغم إقرارهم بالالتقاء مع الاثناعشرية في بعض المسائل كالاحتفال بعيد الغدير وذكرى عاشوراء.
كان لبدر الدين الحوثي -وهو من فقهاء المذهب الزيدي- تأثير كبير في صياغة توجه الحركة التي اعتبرها لب الزيدية، وأن نسبتها إلى الإمام زيد بن علي، نسبة حركية وليست مذهبية.
وطالبت الحركة منذ تأسيسها باعتماد المذهب الزيدي مذهبًا رئيسيًا في اليمن إلى جانب المذهب الشافعي، وبحق أبناء المذهب الزيدي في تعلم المذهب في الكليات الشرعية، وبناء جامعة معتمدة لتدريس مجالات علمية ومعرفية مختلفة، الأمر الذي اعتبرته السلطات اليمنية سعيا لإعادة حكم الائمة الزيديين الذين قضت عليهم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.
المسار السياسي
بعد الوحدة اليمنية في مايو/أيار 1990 وفتح المجال أمام التعددية الحزبية، تحول اتحاد الشباب من الأنشطة التربوية إلى مشروع سياسي من خلال حزب الحق الذي يمثل الطائفة الزيدية، ففي عام 1992 أسس محمد بدر الدين الحوثي وآخرون منتدى الشباب المؤمن.
وفي عام 1997 تحول المنتدى من جمعية ثقافية إلى حركة سياسية باسم “تنظيم الشباب المؤمن”، واتخذت منذ 2002 “الله أكبر.. الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام” شعارا تردده عقب كل صلاة.
ذكرت بعض المصادر، أن منع السلطات أتباع الحركة من ترديد شعارهم بالمساجد كان أحد أهم أسباب اندلاع المواجهات بين الجماعة والحكومة اليمنية.
تولى قيادة الحركة أثناء المواجهة الأولى مع القوات اليمنية في 2004 حسين الحوثي، الذي كان نائبا في البرلمان اليمني في انتخابات 1993 و1997، لكنه قتل في السنة نفسها في مواجهة مع السلطات اليمنية، فتولى والده الشيخ بدر الدين الحوثي قيادة الحركة، وخلفه ابنه الأصغر عبد الملك الحوثي.
خاضت حركة الحوثيين بعد ذلك مواجهات عديدة مع الحكومة اليمنية استمرت حتى 2011، كما دخلت في مواجهة مع قوات سعودية عام 2009 على حدود صعدة. وقد اتهمت الحكومة الجماعة بأنها مسنودة وممولة ومسلحة من إيران لزعزعة الاستقرار في البلاد.
تمكّن الحوثيون بعد ست جولات من الصراع مع الحكومة في الفترة بين 2004 و2009 من السيطرة على معظم أنحاء محافظة صعدة. ومع هذا الانجاز، توافرت للحركة فرصة توسيع نفوذها خارج صعدة.
خلال الانتفاضة العربية العام 2011، اندلعت الاحتجاجات في العديد من المحافظات ضد حكم صالح، فانخرط فيها الحوثيون بعد أن رأوا فيها فرصة سانحة لطرح مطالب على مستوى الطائفة ككل، مثل تمثيل أوسع في المجالس المحلية والحكومية، والتعويض عن قتلاهم الذي سقطوا خلال النزاع. وهذه كانت المرة الأولى التي كان بمقدور الحوثيين أن يطرحوا على نحو سلمي أهدافهم السياسية على نطاق أكبر وأوسع.
لم يلتزم الحوثيين ببند نزع السلاح ودخلوا في الشهر الموالي في صراع مسلح مع القوات الحكومية للسيطرة على مدينة عمران الشمالية (معقل بني الأحمر)، وانتهت المعارك بسيطرة الحوثيين على المدينة في 9 يوليو/تموز 2014.
اتهمها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بإشعال الحرب في عمران بهدف الالتفاف على قرارات مؤتمر الحوار الوطني، وتعهد بطردها من محافظة عمران، لكن الجماعة نزلت بأتباعها إلى العاصمة صنعاء ونظمت في 18 أغسطس/آب 2014 احتجاجات ضد زيادة أسعار الوقود، وطالبت بإسقاط الحكومة وتطبيق قرارات الحوار الوطني.
وفي 21 سبتمبر/أيلول 2014 سيطر مسلحو الحركة على كامل العاصمة، واستولوا على مقر الحكومة ومقار الوزارات، بما فيها وزارة الدفاع وغيرها من المقرات الإستراتيجية كمقر البنك المركزي، بالإضافة إلى اقتحام منازل بعض الوزراء والمسؤولين.
وتحت ضغوط الجماعة استقالت حكومة محمد سالم باسندوة، وكُلِّف خالد بحاح بتشكيل حكومة توافق وطني سرعان ما قدمت استقالتها تحت ضغوط الجماعة أيضا.
ثم تقدم الرئيس هادي باستقالته كذلك في 22 يناير/كانون الثاني 2015 بعد إخضاعه لإقامة جبرية في بيته بصنعاء لرفضه الانصياع لمطالب جماعة أنصار الله.
وفي 20 فبراير/شباط 2015 استطاع هادي الإفلات من قبضة الجماعة والتوجه إلى مدينة عدن في الجنوب، وتراجع عن الاستقالة واستأنف ممارسة مهامه من عدن، فجمع الحوثيون قواهم في اتجاه عدن للسيطرة عليها، وقصفوا القصر الرئاسي حيث يقيم هادي، ورفضوا المشاركة في الحوار خارج اليمن.
وفي فجر الخميس 26 مارس/آذار 2015 انطلقت عاصفة الحزم بمساهمة عشر دول على الأقل بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لحماية اليمن وشعبه.