أفرجت السلطات السورية، منذ الأحد، عن أكثر من 60 معتقلاً من سجونها، ضمن عفو عام رئاسي جديد، يُعدّ الأشمل في يسمى جرائم “الإرهاب” منذ بدء النزاع في البلاد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وسبق لرأس النظام السوري بشار الأسد أن أصدر مراسيم عفو عدة منذ بدء النزاع تضمنت استثناءات كثيرة، وكان آخرها في أيار/مايو الماضي، قبل أسابيع من إعادة “انتخابه” رئيساً للمرة الرابعة.
لكن المرسوم الذي صدر السبت، أي قبل يومين من احتفال المسلمين بعيد الفطر، يُعد، وفق ناشطين، الأكثر شمولاً في ما يتعلق بجرائم “الإرهاب” كونه لا يتضمن استثناءات كما قضت العادة.
ويقضي المرسوم الجديد “بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين” قبل 30 نيسان/أبريل العام 2022، “عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب”.
وأفاد المرصد السوري، الإثنين، عن “خروج أكثر من 60 معتقلًا منذ الأحد من مختلف المناطق السورية، بعضهم أمضى عشر سنوات على الأقل” في سجون النظام.
ومن المفترض، في حال استكمال تنفيذ المرسوم الجديد، وفق المرصد، أن يجري الإفراج عن “عشرات آلاف المعتقلين”، وكثر منهم متهمون بجرائم تتعلق بـ”الإرهاب”، الذي وصفه مدير المرصد رامي عبد الرحمن بأنه “عنوان فضفاض لإدانة الموقوفين عشوائياً”.
وبحسب لائحة تناقلها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، وتضمنت 20 اسماً، فإن بين المفرج عنهم معتقلين أمضوا سنوات في سجن صيدنايا الذائع الصيت، والذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “مسلخ بشري”، بعدما وثقت إعدام نحو 13 ألف شخص فيه شنقاً بين 2011 و2015.
ورجح المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمّد العبد الله أن يكون “القسم الأكبر من الذين قد يفرج عنهم من معتقلي صيدنايا لأن معظمهم تمت إحالتهم على محكمة الإرهاب”.
وقال لفرانس برس “إنها المرة الأولى منذ بضع سنوات نرى معتقلين يخرجون من صيدنايا”. لكنه حذّر من أن العفو قد يستثني “ناشطين في المجتمع المدني وحقوق الإنسان غير ملاحقين بجرائم إرهاب”.
“توقيت مستفز”
واعتبرت المحامية نورا غازي، مديرة منظمة “نو فوتو زون”، المعنية بتقديم المساعدة القانونية للمعتقلين والمفقودين وعائلاتهم، أنه “أكبر عفو يصدر منذ بداية الثورة السورية، كونه يشمل كافة الجرائم المتعلقة بالإرهاب، باستثناء تلك التي لم تتسبب بموت”.
وتضيف “من المتوقع أن يخرج الكثير من الأشخاص، لكن الأمر سيحتاج إلى الكثير من الوقت”.
لكن غازي رأت أن قانون العفو “صدر في توقيت مستفز كونه يبدو أنه رد فعل على ما بات يُعرف بـ مجزرة حي التضامن” قرب دمشق، بعد تقارير إعلامية عن مقاطع فيديو تعود للعام 2013 نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية ومعهد “نيولاينز” الأسبوع الماضي حول قتل عناصر من قوات النظام لعشرات الأشخاص.
ويظهر أحد المقاطع عنصراً من قوات النظام بلباس عسكري يطلب من أشخاص عصبت أعينهم وربطت أيديهم بالركض، وحين يبدأون بالركض يتم إطلاق النار عليهم ويقعون في حفرة تكوّمت فيها جثث أخرى. وبعد قتل 41 رجلاً، جرى إحراق الجثث.
ونشرت التقارير ومقاطع الفيديو بعد أكثر من عامين من تحقيق دقيق أجراه أستاذ جامعي في جامعة امستردام، وطالبة حائزة ماجستير من الجامعة ذاتها.
ولم يصدر أي ردّ رسمي من دمشق.
وخلال سنوات النزاع، دخل نصف مليون شخص إلى سجون ومراكز اعتقال تابعة للنظام، قضى أكثر من مئة ألف منهم تحت التعذيب أو نتيجة ظروف اعتقال مروعة، وفق المرصد السوري.
وتُوجه للنظام اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في السجون من التعذيب والاغتصاب والاعتداءات الجنسية إلى الإعدامات خارج إطار القانون.
وتتهم منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش، النظام أيضاً باستغلال قوانين مكافحة الإرهاب “لإدانة ناشطين سلميين”.
ونقلت وكالة أنباء النظام السوري الرسمية (سانا) عن معاون وزير العدل القاضي نزار صدقني أن المرسوم “جاء مختصاً بجرائم محددة بموضوعها، وهي الجرائم الإرهابية.. وشمل جرائم مختلفة، منها العمل مع مجموعات إرهابية أو تمويل أو تدريب إرهاب أو تصنيع وسائل إرهاب أو إخلال بالأمن”.
وقال العبدالله بدوره “علينا فقط أن ننتظر لنرى حجم العفو فعلاً”، محذراً من “ترك الأهالي عرضة للشائعات والوعود الكاذبة”.
(أ ف ب)