يعقد مجلس النواب العراقي، اليوم الخميس، جلسة طال انتظارها للتصويت على مشروع قانون الموازنة المالية العامة المثير للجدل، وسط إجماع سياسي شبه تام على تمرير القانون في جلسة من المُرجّح لها أن تبقى مفتوحة أو تستمر حتى فجر الجمعة.
وحسب تصريحات لنواب عن مختلف القوى السياسية (شيعية وسنّة وكردية) فإن الجلسة المرتقبة لن تشهد مقاطعة أيّ من الأحزاب السياسية المشاركة ضمن ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم.
ويبدو أن اتفاقات جرت بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، و«الإطار التنسيقي» الشيعي أسهمت في حسم الخلاف الرئيسي في الموازنة، والمتعلّق بحصّة إقليم كردستان، وتحديد موعد انعقاد الجلسة التي جاءت بناءً على طلب عشرات النواب الشيعة.
ورأى الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، أن تأخر تشريع الموازنة «يعيق» عمل الحكومة ونشاطاتها، و«يضرّ» باحتياجات المواطنين.
وقال في بيان صحافي أمس، إنه «يتابع شعبنا باهتمام إقرار الموازنة كخطوة مهمة نحو تأمين متطلبات البناء والإعمار في بلدنا والشروع بتنفيذ التنمية واستكمال الخدمات التي تحتاج إليها مختلف المدن والمحافظات».
ورحب بـ «انعقاد جلسة مجلس النواب يوم غد الخميس (اليوم) من أجل إقرار الموازنة» مثمناً «جهود مجلس الوزراء ومجلس النواب في التقدم في اتجاه إنجاز إقرارها، حيث سنعمل على المصادقة عليها».
وأكد «أن أي تأخير سيكون من شأنه أن يعيق عمل الحكومة ونشاطاتها، وسيضر باحتياجات المواطنين» موضحاً بالقول: «ننتظر من أعضاء مجلس النواب قراراً واضحاً ونهائياً بشأن إقرار الموازنة تلبيةً للمسؤوليات والمهمات الكبرى التي يجب الاضطلاع بها بما يلبي طموحات الشعب ويرتقي بالمستوى المعيشي والخدمي ويؤمن تطبيقاً فعالاً لبنود الموازنة في خطط التنمية والإعمار».
وسبق أن دعا هشام الركابي، مستشار رئيس الوزراء، أعضاء مجلس النواب، إلى ممارسة دورهم في التصويت على الموازنة.
وذكر في «تدوينة» له، إن «يوم الخميس سنشهد انطلاق مرحلة جديدة أساسها الإعمار وتوفير فرص العمل لشبابنا العراق عبر إقرار الموازنة الاتحادية في مجلس النواب».
وأضاف: «أملنا كبير في أن يمارس ممثلو الشعب دورهم في التصويت على موازنة طموحة تسعى إلى توفير حياة كريمة لكل عراقي».
ولم يتضح بعد آلية «الاتفاق السياسي» على تمضية الميزانية، ونتائج المفاوضات حول البنود المتعلقة بحصّة الإقليم، غير أن العضو السابق في اللجنة المالية النيابية، أحمد الحاج رشيد، أكد أن التغييرات على الموازنة المرسلة من الحكومة إلى البرلمان، استندت لتعديلات جرت في ظل وزيرين اتحاديين تابعين للحزب «الديمقراطي الكردستاني».
وأفاد في «تدوينة» له، أن «التغييرات الأخيرة للجنة المالية لحصة إقليم كردستان مقتبسة من نصوص قانون الإدارة المالية التي تم تعديلها في زمن كان يرأس وزارة المالية وزيرين ماليين اتحاديين قياديين تابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني، وتم التصويت عليها من قبل نواب الحزب الديمقراطي. أليس فيكم رجل رشيد يعلم ما تؤول إليه الأمور».
وأضاف: «الدستور وقانون الإدارة المالية هما الحكم، وإذا كانت تغييرات اللجنة المالية لحصة الإقليم غير دستورية ما على الجميع إلا أن يصوتوا لتمرير الموازنة ولتطعن الحكومة بعدم دستورية الفقرات المتغيرة، وإذا اقتنعت المحكمة بعدم دستوريتها حينئذ سترجع نصوص الحكومة إلى سابقاتها (زمن حكومة حيدر العبادي)».
وفي الموازاة، أعلنت النائبة عن الحزب «الديمقراطي الكردستاني» إخلاص الدليمي، موقف حزبها من الجلسة.
الدليمي وهي عضو في اللجنة المالية النيابية، قالت في تصريح تلفزيوني، أن «الديمقراطي الكردستاني أعطى الموافقة لعقد جلسة الخميس» مضيفة: «بعد التصويت على الموازنة سنشهد طعناً لدى المحكمة الاتحادية».
وتابعت: «لدينا اعتراضات على نسخة الموازنة التي أرسلتها الحكومة» مشيرة إلى أن «أعضاء اللجنة المالية قالوا في البداية سنلتزم بنسخة الحكومة».
ولفتت إلى أن «الواردات النفطية وغير النفطية لا تكفي الموازنة التشغيلية في الإقليم» في إشارة إلى المبالغ المخصصة لدفع المرتبات، مؤكدة بالقول: «نحن في الحزب الديمقراطي الكردستاني، نؤيد مسار التوافقية السياسية».
وطبقاً للنائبة عن الحزب الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فإن «نسخة الموازنة منذ 8 أيام على طاولة القادة السياسيين».
وفي حال انعقاد الجلسة المُنتظرة، فإنها ستحتاج إلى وقتٍ قد يستمرّ عدة أيام، أو ربما لساعات تمتد لفجر الجمعة، حسبما جرى في موازنات سابقة، غير أن النائب عن «الإطار التنسيقي» الشيعي، علي شداد الفارس، أكد ضرورة تمرير مشروع قانون الموازنة العامة، خلال جلسة نيابية واحدة.
وقال في تصريح لمواقع إخبارية تابعة «للإطار» إن «تحديد جلسة التصويت لمشروع قانون الموازنة الاتحادية جاء بضغط نيابي وجمع تواقيع تجاوزت 100 توقيعا» لافتا إلى أن «هناك اتفاقا شبه نهائي للفقرتين 13 و14 الخاصة بإقليم كردستان».
وأضاف، أن «غالبية أعضاء مجلس النواب من مختلف القوى السياسية بما فيهم الاتحاد الوطني والجيل الجديد، مصرون على تمرير الموازنة بأسرع وقت».
وأشار إلى أن «جلسة غدا الخميس (اليوم) لابد وأن تحسم التصويت بالمجمل على قانون الموازنة بجلسة واحدة، حتى وإن امتدت لساعات طويلة، وبعكسه قد يؤجل التصويت إلى ما بعد عيد الأضحى».
وخضعت مسودّة القانون المُرسل من الحكومة إلى البرلمان، في منتصف آذار/ مارس الماضي، إلى جمّلة تعديلات في اللجنة المالية البرلمانية، خصوصاً في البنود المتعلقة بحصّة كردستان، الأمر الذي أثار حفيظة نواب الحزب «الديمقراطي» الذين لوحوا في وقت سابق بمقاطعة جلسة التصويت.
اعتراضات التعديل لم تقتصر على نواب حزب بارزاني وحسب، بل امتدت لوزارة المالية الاتحادية التي أكدت «الطعن بالموازنة» في حال تم إقرارها وفيها تغيير للفقرات التي أدرجتها الحكومة.
وذكر بيان للوزارة، «تنفي وزيرة المالية طيف سامي محمد، المعلومات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والوكالات الخبرية، والتي تدعي قيام وزيرة المالية بإجراء المناقلات في مشروع الموازنة والتي تعكف اللجنة المالية لمجلس النواب على إجرائها».
بهذا الصدد «تؤكد وزيرة المالية عكس ما ذُكر، فقد أولت الوزيرة اهتماما بالغاً في الدفاع عن كافة الفقرات الواردة في مشروع قانون الموازنة، وستطعن وزارة المالية بالموازنة في حال تم إقرارها وفيها تغيير للفقرات التي أدرجتها الحكومة في الموازنة».
وشددت سامي، وفق البيان، على أن «ما أدرجته الحكومة من نصوص وتخصيصات كان وفق دراسة واحتياج الوزارات والمحافظات وتلبي كافة المتطلبات وفق رؤية الحكومة في برنامجها الحكومي، وأن أي تغيير سيعيق عمليات الانفاق رسمتها الحكومة لسد كافة الاحتياجات».