كشف التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، عن رفض نواب مستقلين المبادرة التي طرحها الصدر أخيراً، في منح المستقلين فرصة اختيار رئيس الوزراء وتشكيل كابينته الحكومية، وفيما جدد إصراره على تأليف حكومة «أغلبية وطنية»، نأى بنفسه عن تقاسم «مغانم السلطة»، في وقتٍ يخطط «المستقلون» لطرح مبادرة جديدة تحسم جمود العملية السياسية وتشكيل الحكومة واختيار رئاستي الجمهورية والوزراء.
وأكد رئيس الكتلة الصدرية البرلمانية، حسن العذاري، المضي بالإصلاح والمطالبة بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، كاشفاً عن رفض بعض المستقلين «فرصة ذهبية» بتشكيل الحكومة.
وقال العذاري في تغريدة على تويتر، مساء أول أمس، إنه «بعد أن أثبتنا للجميع أننا غير متمسكين بالسلطة وأعطينا فرصة ذهبية للمستقلين لتشكيل الحكومة ورئاسة الوزراء. جاء الرد من بعضهم بالرفض، لكننا ماضون بالإصلاح وما صراعنا السياسي إلا صراع من أجل الإصلاح لا من أجل تقاسم مغانم السلطة».
وأضاف: «من أهم بوادر الإصلاح هي مطالبتنا التي لا تزول بتشكيل حكومة أغلبية وطنية بعيداً عن تقاسم السلطة والتوافقات التي أضرت بالبلاد والعباد».
تدوينة العذاري جاءت بعد اجتماع عقده تحالف «إنقاذ وطن» في مقرّ إقامة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في محافظة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
وأعلن تحالف «إنقاذ الوطن» الانفتاح على القوى السياسية التي تؤمن بحكومة الأغلبية الوطنية، فضلاً عن الاستمرار في الحوار مع المستقلين بعد المبادرة التي أطلقها التحالف.
وذكر التحالف في بيان أن «تحالف إنقاذ الوطن منفتح على القوى السياسية التي تؤمن بحكومة الأغلبية الوطنية، وقد اتفق التحالف على أن يأخذ مجلس النواب دوره في تشريع القوانين التي تصب في مصلحة المواطنين، وكذلك ممارسة دوره الرقابي، وفي الوقت نفسه فإن التحالف مستمر في حواراته مع المستقلين بعد المبادرة التي أطلقها».
وحتى وقت إعداد التقرير، لم يصدر عن المستقلين أي بيان أو موقفٍ موحد بشأن العروض التي تلقوها من «الإطار التنسيقي» الشيعي وتحالف «إنقاذ وطن»، بشأن دورهم في تشكيل الحكومة الجديدة.
ونفى النائب المستقل، عدنان الجابري، وجود انقسام بين النواب المستقلين، فيما تطرق لـ»مبادرة المستقلين» للخروج من «الانغلاق السياسي»، محدداً شرط مشاركة النواب المستقلين في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال الجابري للقناة الرسمية: «لا يوجد انقسام بين النواب المستقلين. هنالك الكثير من المشتركات بيننا، وهناك لقاءات ومشاورات مستمرة لم تنقطع منذ إعلان نتائج الانتخابات، وفي هذه الفترة تم تكثيف الحوارات لغرض إنهاء الانغلاق السياسي الراهن».
وأضاف: «لا توجد ضغوط على المستقلين. موقفنا قوي، ونحن من سيرسم ملامح الحكومة المقبلة والاعتماد ينصب علينا»، مبيناً أن «جميع القوى السياسية أعلنت عجزها عن تشكيل الحكومة وإنهاء الانغلاق السياسي ما لم يلتحق المستقلون بركب المبادرات المطروحة».
وتابع: «من باب الحرص على الوطن وتشكيل الحكومة، فإن المستقلين عازمون على أن يكون لهم رأي منقذ للعملية السياسية»، موضحاً أن «هناك مساحات مشتركة بين المستقلين، ويتفقون على مبدأ تصحيح مسار العملية السياسية».
وعن «مبادرة المستقلين» بين الجابري أن «الشعب العراقي يتأمل من المستقلين طرح مبادرة مغايرة لما طرح في السابق من مبادرات»، منوهاً أن «مبادرة المستقلين ستكون محرجة لبعض الكتل السياسية، باعتبار أن المستقلين عازمون على إصلاح العملية السياسية والرئاسات الثلاث».
وأشار إلى أن «المبادرة- إن كان هناك إصلاح طولي- فستركز على وجوب وضع معايير لرئيس الوزراء وأيضاً للكابينة الوزارية، ويجب أن تطبق على الرئاسات الثلاث»، لافتاً في الوقت عينه إلى أنه لو «كان هناك إصلاح عرضي فقط، وهو في اتجاه استحقاق رئيس الوزراء، فنحن ذاهبون تجاه الكتلة الشيعية في تسمية رئيس الوزراء».
وقال الجابري: «لم يتم تحديد أسماء لشخصية رئيس الوزراء، لكن هناك معايير للرئاسات الثلاث وبالتحديد رئيس الوزراء، ونطلب من الكتل السياسية تطبيق تلك المعايير مقابل دخولنا جلسات البرلمان وتحقيق النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية».
وأضاف: «طرح المعايير يعطي مساحة أكبر في اختيار رئيس الوزراء والجمهورية».
وتابع: «يجب فصل موضوع تشكيل الحكومة عن دور البرلمان الرقابي، ويجب أن يقوم الأخير بدوره الرقابي وعدم تعطيله، ولو فرضنا عدم توصل الكتل السياسية لتشكيل الحكومة، فهل من الإيجابي أن يبقى البرلمان معطلاً؟».
وختم: «دور مجلس النواب لا يقتصر على تشكيل الحكومة، حتى لو فشل في تسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة، ويبقى مراقباً لأداء حكومة تصريف الأعمال ويشرع القوانين لحين إنهاء الانغلاق السياسي».
في الموازاة، حدد تحالف «من أجل الشعب» المؤلّف من حركة «امتداد» المنبثقة عن احتجاجات أكتوبر، وحراك «الجيل الجديد» الكردستاني المعارض، أربعة شروط لتشكيل الحكومة الجديدة.
وقال التحالف في بيان صحافي إنه «قررنا منذ البداية أن لا نكون جزءاً من حكومة محاصصة أو مشاركاً في تقاسم السلطة، وأن نكتفي بدورنا في العمل النيابي، وقد حرص تحالفنا منذ تأسيسه أن يكون الجسد النابض للعملية السياسية والتزم نوابه بالحضور لجميع جلسات المجلس إيماناً منه باحترام إرادة الشعب واحتراماً للعملية الانتخابية والاستحقاقات الدستورية».
وأضاف أنه «في ظل الانسداد السياسي الحالي وعجز البرلمان عن أداء واجباته الدستورية، بادرت كتلة تحالف من أجل الشعب في الخامس والعشرين من الشهر الماضي بتقديم طلب إلى رئيس مجلس النواب ونائبيه لعقد جلسة طارئة لمجلس النواب في السابع من أيار/ مايو الجاري لحلحلة الأزمة»، مؤكداً الالتزام «بهذه المبادرة والتمسك بها وفي ظل عدم الموافقة على عقد هذه الجلسة واستمرار حالة الشلل في عمل مجلس النواب وتعطيل مصالح الشعب، نود أن نبين بأننا سنمضي في تقديم دعوى قانونية لدى المحكمة الاتحادية للمطالبة بإيقاف رواتب النواب المستمرين في مقاطعة حضور الجلسات باعتبار ذلك حنثاً في اليمين الدستوري».
وتابع البيان أنه «إزاء المبادرات التي أطلقتها الكتل السياسية المتصارعة على إدارة الدولة ودعت فيها النواب المستقلين لاختيار رئيس حكومة مستقل دون الدعوة لاختيار رئيس جمهورية مستقل أيضاً، نؤكد في تحالف من أجل الشعب حرصنا ورغبتنا بالتواصل مع جميع النواب المستقلين، وأننا على استعداد تام لدعم تشكيل الحكومة التي تتبناها أي جهة مستقلة مع عدم مشاركتنا فيها، وتأكيدنا على الالتزام بحضور جميع الجلسات البرلمانية ولن نكون سبباً في تعطيل العملية السياسية».
وحسب بيان التحالف، فإن أعضاءه سيمنحون أصواتهم لـ»أي شخصية يتفق عليها النواب المستقلون لتشكيل الحكومة القادمة»، لكنه وضع جملة شروط من بينها أن «يكون عراقياً مستقلاً نزيهاً وطنياً وليس عليه أي شبهة فساد، وأن لا يكون من مزدوجي الجنسية» وأن «لا يكون مشتركاً مع أحزاب السلطة سابقاً ولم يكن جزءاً من حكومات المحاصصة».
ومن بين الشروط أن «تتعهد الكتل السياسية جميعها والنواب المستقلون بعدم التدخل أو فرض الإرادات، لا في عملية تشكيل الحكومة ولا في إدارتها لاحقاً من الشخصية المكلفة، من أجل أن لا تكون الحكومة القادمة حكومة محاصصة»، مشترطاً أيضاً أن «تقدم الشخصية المكلفة برنامجاً حكومياً واقعياً يلامس حياة الناس ومتطلباتهم ويعالج التحديات التي تعصف بالواقع العراقي في كل مجالات الحياة».
إلى ذلك، دخل المسيحيون على خطى المساعي الرامية لإنهاء الانسداد السياسي والإسراع بتشكيل الحكومة.
ووجه بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الكاردينال لويس روفائيل ساكو، نداءً إلى السياسيين العراقيين جاء فيه: «أكثر من خمسة أشهر مرت على الانتخابات التشريعية، والبلاد تنتظر بفارغ الصبر تشكيل الحكومة المنشودة، ولا يخفى السبب على المواطنين، أنها الأطماع الشخصية والفئوية».
وأضاف: «المواطنون محبطون بسبب 19 سنة مظلمة من الصراعات العنف والإرهاب والإخفاقات، والفساد والظلم و…».
وتابع: «إزاء هذا الواقع المرير، لا بد أن يدرك كل نائب أنه للعراق والعراقيين، وأن عليه ضميرياً أن يعطي الأولوية لمصلحة البلد، ويعتمد الآلية القانونية والدستورية لتشكيل حكومة قادرة على بناء دولة حديثة، تحمي السيادة الوطنية والديمقراطية، وتؤمّن حقوق كل مواطن، بغض النظر عن المعتقدات الدينية أو الاجتماعية أو السياسية، وتقوم بالإصلاحات وتوفير الخدمات».
وأكمل: «هذا هو، أيها السادة الموقرون، أمل العراقيين الذي نضعه بين أيديكم سائلين الرب القدير أن ينيركم ويعينكم في هذه المهمة الوطنية والشرعية، وقبل أن يفوت الأوان».