انتقادات تواجه السلطات اللبنانية إثر تسليمها عشرات اللاجئين السوريين قسرا إلى نظام بشار الأسد، رغم مخاوف من تعرضهم للتعذيب والاضطهاد، فيما تقول بيروت إنها ترّحل فقط مَن دخلوا البلاد بطريقة غير نظامية ولا تنتهك حقوق الإنسان.
ففي 21 أبريل/ نيسان الماضي ندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بقيام الحكومة اللبنانية بـ”اعتقال لاجئين سوريين وترحيلهم إلى مناطق سيطرة النظام”، منتقدا “الانتهاكات المتواصلة من الحكومة اللبنانية بحق اللاجئين السوريين”.
كما قالت منظمة العفو الدولية في بيان الثلاثاء، إنه “يجب على السلطات اللبنانية أن تكف فورا عن ترحيل اللاجئين السوريين قسرا إلى سوريا، وسط مخاوف من أنهم مُعرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية”.
المنظمة ذكرت أنه في “الأسبوع الماضي، داهم الجيش اللبناني المنازل التي تسكنها عائلات سورية بمواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك برج حمود في (العاصمة) بيروت، ورحَّل إلى سوريا عشرات اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية”.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 1.8 مليون نحو 880 ألفا منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بحسب تقديرات لبنانية.
وفي مارس/ آذار 2011 اندلعت بسوريا احتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكن النظام واجهها بقمع عسكري مما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة فَّر سوريون من ويلاتها إلى دول أخرى.
التعذيب والموت بانتظارهم
المحامي السوري عبد الناصر حوشان، عضو مجلس نقابة محامي “حماة الأحرار” المعارضة، يقول لمراسل الأناضول إن “ترحيل لبنان للاجئين قبل حل القضية السورية وبدون ضمانات حقيقية دولية ورقابة أممية يعتبر جريمة وانتهاك للقانون الدولي”.
ويشدد حوشان على أن “القانون الدولي يفرض على لبنان احترام المعاهدات والمواثيق الدولية حتى لو لم يكن موقعا على اتفاقية حماية اللاجئين، فالالتزام بالمواثيق الدولية هو التزام شامل وفقا لميثاق الأمم المتحدة وخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان وكرامته وحريته وبينهم اللاجئون”.
ومعربا عن مخاوف بشأن مصير من تتم إعادتهم قسرا إلى سوريا، يلفت إلى أن “تقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا اعتبرت أن شروط العودة الآمنة غير متوفرة”.
ويردف: “نظام الأسد يعتبر كل مهجر إرهابي سواء كان طفلا أو عجوزا أو رجلا أو امرأة، وبالتالي فإن أقبية المخابرات والتعذيب والمحاكم الصورية في انتظارهم بتهم باطلة وسيكون مصير الكثير منهم الموت ومن بقي منهم حيا سيخلد في زنازين النظام”.
وفي 26 أبريل الماضي طلبت الحكومة اللبنانية من وزير العدل “البحث في إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين السوريين إلى الدولة السورية فورا مع مراعاة القوانين والاتفاقيات بالتنسيق مع دمشق”.
وحول إعادة اللاجئين الذين يرتكبون مخالفات قانونية، يوضح حوشان: “يُحاكم هؤلاء أمام المحاكم الوطنية لدولة اللجوء ولا يجوز تسليمهم لدولتهم الأصليّة باعتبار أن الجُرم واقع خارج الأراضي السورية عملا بأحكام الاختصاص الإقليمي”.
ويتابع: “كما أنه توجد اتفاقية دولية تنظم أحكام تسليم المجرمين وتحظر تسليم أي شخص لدولته الأصلية إذا كان هناك خطر على حياته أو حريته أو كرامته، وتحظر التسليم في الجرائم السياسية والعسكرية، حتى أن الاتفاقيات الثنائية بين الدول الخاصة بتسليم المجرمين تتضمن هذه الأحكام، ومنها الاتفاقيات بين النظام ولبنان”.
هجمة عنصرية
ومنذ أكثر من أسبوعين، تشهد الساحة اللبنانية رسميا وشعبيا هجمة يصفها مراقبون بأنها “عنصرية” من جانب قطاعات شعبية ومسؤولين حكوميين ضد اللاجئين والمواطنين السوريين، لأسباب داخلية طائفية وخارجية أبرزها السعي العربي إلى التطبيع مع النظام السوري.
ووجّه وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، الثلاثاء، كتابا إلى المحافظين بإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل اللاجئين السوريين.
مولوي طلب التشديد بعدم تأجير أي عقار لأي لاجئ سوري قبل التثبت من تسجيله لدى البلدية وحيازته إقامة شرعية.
وعقب ترحيل عشرات السوريين إلى بلدهم، خرجت تظاهرة في مدينة طرابلس الشمالية، ثاني أكبر مدينة لبنانية، الأسبوع الماضي تطالب بوقف ترحيل السوريين وتدعو المجتمع الدولي إلى التدخل لحمايتهم.
بينما اعتبر مولوي أن ما تقوم به القوى الأمنية في ملف اللاجئين “ليس تعرضا لحقوق الإنسان، وإنما هو حفاظ على مصلحة الدولة والنظام العام”.
وأضاف أن السلطات تنفذ عمليات الترحيل وفقا لقرار مجلس الدفاع الأعلى الصادر في 15 أبريل/ نيسان 2019 بترحيل السوريين الذين دخلوا لبنان بشكل غير نظامي.
وفي الآونة الأخيرة وضعت الحكومة خطة لإعادة 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهريا، وترى أن الأمر ضروري بسبب الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تعصف بلبنان منذ 2019.
إلا أن الخطة تصطدم برفض الأمم المتحدة، التي ترى أن الأمن لم يستتبّ بعد في سوريا، وتطلب من بيروت التريث.